قدم (متمم بن نويرة) إلى المدينة يشكو (خالدا بن الوليد) إلى (أبي بكر الصديق) رضي الله عنه ، لأنه قتل أخاه (مالك بن نويرة) ، وكان خالد قد قتله متأولا ..
فجلس بعيد صلاة الفجر يبكي حزنا على أخيه وهو يبث الشكوى إلى خليفة رسول الله ..
وأثناء البكاء كان (عمر بن الخطاب) يرمق صنيع متمم وهو ينسج أبياتا من شعر الرثاء حزنا على أخيه ، فأعجب بتلك العاطفة عمر ، وطلب من متمم أن يقول شعرا ا في أخيه زيد بن الخطاب على غرار ما قال في أخيه مالكا .. وكان عمر شديد الحب لزيد ، واستشهد في حروب الردة !
فلم ينجذب عمر إلى شعر متمم في زيد ، وظن أن بمقدور متمم أن يقول شعرا يبكيه كما بكى في قصيدة متمم على أخيه مالك ، هنا قال متمم : إنه لا يحركني لأخيك ما يحركني لأخي !
بعيدا عن أن التصنع والتكلف لا يؤتي ثماره مثلما يصنع الصدق فإن بعض الناس لا شعوريا ، يريد من الآخرين أن ينحو نحوه ، يغضبون إن غضب ، يفرحون إن فرح ، يخاصمون هذا إن خاصمه ، لا يمزحون مع هذا أن كان مخاصما له وهكذا ، وكأن النفس التي تريد منها أن تصنع صنيعك لا طريق لها تسلكه غير طريقك ، ولا وجهة لها غير وجهتك !
إن النفوس متباينة ، والعقول متفاوتة ، ولئن كان الناس مختلفين في اللون والطبائع وطرق معايشهم ، وفي الثقافة التي يشربون منها فأنهم يقينا مختلفون في ردات الفعل ،لأن الدوافع مختلفة، فلا تنظر من أحدهم نفس ردة فعلك تماما كأنكم نسخة كربونية !